سورة الزمر - تفسير تفسير ابن الجوزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الزمر)


        


{إِن تكفُروا فإنَّ الله غنيٌّ عنكم} أي: عن إِيمانكم وعبادتكم {ولا يَرْضَى لِعباده الكُفْرَ} فيه قولان: أحدهما: لا يرضاه للمؤمِنين قاله ابن عباس.
والثاني: لا يرضاه لأحَد وإِن وقع بإرادته، وفرقٌ بين الإِرادة والرِّضى. وقد أشرنا إِلى هذا في [البقرة: 205] عند قوله: {والله لا يحب الفساد}.
{وإِنْ تشكُروا يَرْضَهُ لَكُم} أي: يرضى ذلك الشُّكر لكم {إِنَّه عَلِيمٌ بذاتِ الصُّدور} أي: بما في القلوب.


قوله تعالى: {وإِذا مَسَّ الإِنسانَ ضُرٌّ} اختلفوا فيمن نزلت على قولين.
أحدهما: في عتبة بن ربيعة، قاله عطاء.
والثاني: في أبي حذيفة بن المغيرة، قاله مقاتل. والضُرُّ: البلاء والشِّدَّة.
{مُنِيباً إِليه} أي: راجعاً إليه من شِركه.
{ثُمَّ إِذا خَوَّلَهُ} أي: أعطاه وملَّكه {نِعْمِةً منه} بعد البلاء الذي أصابه، كالصِّحَّة بعد المرض والغنى بعد الفقر {نَسِيَ} أي: ترك ما كان يدعو إِليه، وفيه ثلاثة أقوال.
أحدها: نسي الدُّعاء الذي كان يتضرَّع به إلى الله تعالى.
والثاني: نَسِيَ الضُّرَ الذي كان يدعو الله إٍلى كَشْفه.
والثالث: نَسِيَ الله الذي كان يتضرَّع إِليه. قال الزجّاج: وقد تَدُلُّ {ما} على الله عز وجل، كقوله: {ولا أنتمُ عابِدونَ ما أعبُدُ} [الكافرون: 3] وقال الفراء: تَرَكَ ما كان يدعو إِليه، وقد سبق معنى الأنداد [البقرة: 22] ومعنى {لِيُضِلَّ عن سبيل الله} [الحج: 9].
قوله تعالى: {قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفرك} لفظُه لفظُ الأمر ومعناه التهديد، ومثله {فتَمَتَّعُوا فسَوْفَ تَعْلَمُونَ} [النحل: 55].


قوله تعالى: {أَمَّنْ هو قانِتٌ} قرأ ابن كثير، ونافع، وحمزة، وأبو جعفر، والمفضل عن عاصم، وزيد عن يعقوب: {أَمَنْ} بالتخفيف؛ وقرأ الباقون: بالتشديد. فأما المشدَّدة فمعناها: أهذا الذي ذَكَرْنا خيرٌ، أمَّن هو قانتٌ؟ والأصل في {أمَّن}: أَمْ مَنْ فأدغمت الميم في الميم. وأما المخفَّفة، ففي تقديرها ثلاثة أوجه:
أحدها: أنها بمعنى النداء. قال الفراء: فسَّرها الذين قرؤوا بها فقالوا: يامَنْ هو قانتٌ، وهو وجه حسن، والعرب تدعو بالألف كما تدعوا بياء فيقولون: يا زيدُ أَقْبِل، وأَزَيُدْ أَقْبِل. فيكون المعنى: أنه ذَكَر النّاسيَ الكافرَ. ثمَ قصَّ قِصِّةَ الصّالح بالنِّداء، كما تقول: فلانٌ لا يصوم ولا يصلِّي، فيامَنْ يصوم أبْشِرْ.
والثاني: أن تقديرها: أمَّن هو قانت كمن ليس بقانت؟!.
والثالث: أمَّن هو قانت كمن جعل لله أنداداً؟!.
وقد ذكرنا معنى القُنوت في [البقرة: 116] ومعنى {آناءَ اللَّيل} في [آل عمران: 113].
قوله تعالى: {ساجداً وقائماً} يعني في الصلاة. وفيمن نزلت فيه هذه الآية خمسة أقوال.
أحدها: أنه أبو بكر الصِّدِّيق، رواه عطاء عن ابن عباس.
والثاني: عثمان بن عفان، قاله ابن عمر.
والثالث: عمّار بن ياسر، قاله مقاتل.
والرابع: ابن مسعود، وعمّار وصُهَيب، وأبو ذَرّ قاله ابن السائب.
والخامس: أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، حكاه يحيى بن سلام.
قوله تعالى: {يَحْذَرُ الآخرة} أي: عذاب الآخرة. وقد قرأ ابن مسعود، وأُبيُّ بن كعب، وابن عباس، وعروة، وسعيد بن جبير، وأبو رجاء، وأبو عمران: {يَحْذَرُ عذابَ الآخرة} بزيادة {عذابَ}.
{ويَرْجو رَحْمَةَ ربِّه} فيها قولان:
أحدهما: أنها المغفرة، قاله ابن السائب.
والثاني: الجنة، قاله مقاتل.
قوله تعالى: {قُلْ هل يستوي الذي يَعْلَمونَ} أنَّ ما وعدَ اللهُ من الثواب والعقاب حَقٌّ {والذين لا يَعْلَمونَ} وباقي الآية قد تقدم في [الرعد: 19] وكذلك قوله: {لِلَّذينَ أَحْسَنوا في هذه الدُّنيا حسنة} قد تقدم في [النحل: 30].
وفي قوله: {وأرضُ الله واسعةٌ} قولان:
أحدهما: أنه حَثٌّ لهم على الهِجرة من مكَّة إِلى حيث يأمنون.
والثاني: أنها أرض الجَنَّة رغَّبهم فيها.
{إنِّما يوفَّى الصَّابرون} الذين صبروا لأجل الله تعالى على مانالهم {بغير حساب} أي: يُعْطَون عطاءً كثيراً أوسعَ من أن يُحْسَب وأعظمَ من أن يُحاطَ به، لا على قَدْر أعمالهم.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8